" عيد الحب" هل يتناسب
مع أهداف الأمة الإسلامية ؟؟!!!
بقلم : عاهد ناصرالدين
حين الحديث عن مثل هذه الأعياد يُكتفى بإعطاء الحكم الشرعي فيها ، وقد
يتطلب أحيانا تجاهلها وإهمالها ، لكن الأمر قد انتشر وعم وطم ، وتم عشق
اللون الأحمر الذي نراه دوما وأبدا يسيل من جسم الأمة النازف في كل مكان
لدرجة الإحتفال به كل عام مرة بما يسمى بِ"عيد الحب" ، وقد ورد في الأمثلة (
الديك يرقص من حرارة الروح ) .
فكان لا بد من الحديث ،وقرع الآذان بقوة كبيرة ،وبشكل مدوٍ؛ فالأخطار
محدقة ، والأهداف خبيثة ،والأمة الإسلامية تذبح من الوريد إلى الوريد كما
يحصل في نيجيريا واليمن وفلسطين.
وإن حال من يحتفل بعيد الحب كحال الديك هذا.
ومنذ زوال سلطان الإسلام عن الكرة الأرضية ،وتحكم الرأسمالية ،والمشاكل
التي تعتري الشباب والفتيات تزداد وتتفاقم ،حتى أن كثيرا منهم وقع في
الرذيلة طوعا أو كرها .
ولجأ إلى ما يغضب الله – عزوجل- وإلى غير الطريق الشرعي، فسارعوا إلى
الفساد ، ووقعوا في حبائل الدعوة إلى تحرير المرأة وانعتاقها من أوامر الله
واستسلامها إلى وساوس المفسدين، الذين يبشرون بنمط الحياة الغربية وطراز
عيش الغرب في لباسهم وعلاقاتهم ونظمهم.
لقد اشتدت علينا الفتن وادلهمت الخطوب واشتد الظلام وتكالبت على الأمة
الإسلامية قوى الشر والعدوان ،وأصبح الحديث عن العزة والكرامة ونصر الله
ضربا من الخيال والرجعية والتخلف .
وأصبح في الأمة ثغرات ينفذ منها الأعداء ، وسَرَت الهزيمة إلى بعض ضعاف
النفوس ، وتسلل اليأس والإستسلام إلى أبناء الأمة الإسلامية ، وخُدرت
العقول ليصل الأمر ببعضهم أن لا يرى أكثر من أرنبة أنفه , ويقلد الغرب في
كل شيء .
فكان الظلم والضياع والتيه الذي أصابنا جراء التخدير الذي أصاب
الكثير؛فبعد أن أزيلت الدولة الإسلامية من الوجود قام الإستعمار مقامها
وبسط نفوذه مكانها وركز أقدامه في كل جزء منها ، بأساليبه الخفية الخبيثة
؛فاحتل العقول وخدرها وعكس الصورة الإستعمارية على هذه الشخصية بإعطائها
الوضع المثالي الذي يُقتدى به عن طريق بث ثقافته وحضارته والتدخل في مناهج
التعليم فأصبح كثير من أبناء الأمة مثقفين ثقافة فاسدة ، تُعلمنا كيف يفكر
غيرنا ، وتجعل فينا العجز – طبيعيا - عن التفكير وكيف نفكر نحن ، فاستطاع
بذلك أن يخدر عقولنا ويقتل إحساسنا ،يأسر عقولنا وتفكيرنا لأن فكرنا غير
متصل ببيئتنا ، وشخصيتنا ، وتاريخنا ، وليس مستمد من مبدئنا .
كل هذا جعل من الطبيعي العجز عن التفكير في كل أمور حياتنا خاصة
السياسية ، وفي أحسن حالات اليقظة يكون التفكير على الأساس الذي وضعه
المحتل ليبقينا في التبعية والغربة والوحشة من مجتمعنا بل باحتقاره ،
وبالتالي لا يمكن تصور الأوضاع القائمة في بلادنا إلا تقليدا للأجنبي حين
التحدث عن النهضات ، ولا يكون التحرك من أجل المبدأ ، وإنما التحرك من أجل
الوطن والشعب ، وهو تحرك خاطئ ، ومع ذلك لا يُثار من أجل البلاد ثورة صحيحة
ولا يُضحى من أجل الشعب تضحية كاملة ، لأن الذي يثور لا يشعر شعورا فكريا
بالأوضاع التي تكتنفه ، ولا يحس إحساسا فكريا بحاجات الشعب ، ولو ثار – في
الحالات الشديدة - فإنه يثور كردة فعل لصدمة من الصدمات مع مصالحه الشخصية
يهدأ عن إلقامه وظيفة أو تزول حين تصطدم بأنانيته ومنافعه ، أو يناله منها
أذى .
ومن جراء تسميم الأجواء بالسموم الفكرية التي لا تقل خطورة عن الهروين
والآراء السياسية الفلسفية تم إفساد وجهة النظر الصحيحة عند المسلمين ،
وبلبلة الفكر لدى المسلمين بلبلة ظاهرة في مختلف نواحي الحياة .
بهذا التخدير الفكري فقد الكثير المركز الذي يدور حوله التنبه الطبيعي ،
وبالتالي فإن كل يقظة تتحول إلى حركة مضطربة متناقضة ، تشبه حركة المذبوح ،
تتنتهي بالخمود واليأس والإستسلام .
بهذا التخدير أصبحت الشخصية الأجنبية مركز دائرة الثقافة , وموضع
الإتجاه والبوصلة وقِبلة أنظار السِّياسيين أو محترفي السياسة الإستعانة
بالأجنبي والإتكال عليه ،دون الإدراك أن ربط قضيتنا بغير أنفسنا وعقيدتنا
ومبدئنا هو انتحار سياسي .
فكيف يفكر وعقله مُخدَّر بل في حالة شلل تام ؟
بهذا التخدير دماء المسلمين تُسفك على أيدي الأمريكان واليهود في العراق
وفلسطين ،وأهل القوة والمنعة في الأمة الإسلامية، لا يتحركون لاستباحة دماء
إخوتهم ومقدساتهم وكرامة أمتهم.
فإن لم يثأروا لهذا ويتحركوا،فما الذي يحركهم؟
ألا يحركهم عويل النساء ونشيج الأطفال ونحيب الثكالى ؟
ألا تحركهم دماء الشهداء الزكية التي تُراق كالأنهار؟
ألاّ يتوقون إلى وعد ربهم جناتٍ عرضها