صلة بن أشيم العدوي الصحابة الذين تعلم على أيديهمنال صلة بن أشيم رحمه الله شرف صحبة أصحاب رسول اللهفقد تربى على أيديهم وتعلم منهم، وأخذ عنهم، وقد تعلم على يد حبر الأمة، وابن عم النبيعبد الله بن عباس، وكان طاووس يقول: إن رجلا يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس، وأخذ أيضًا عن قارئ القرآن على النبيعبد الله بن مسعود.
أثره في الآخرينكان صلة بن أشيم يخرج إلى الجبانة فيتعبد فيها فكان يمر على شباب يلهون ويلعبون فيقول لهم: أخبروني عن قوم أرادوا سفرًا فحادوا النهار عن الطريق وناموا بالليل متى يقطعون سفرهم؟ قال: فكان كذلك يمر بهم ويعظهم فمر بهم ذات يوم فقال لهم: هذه المقالة فانتبه شاب منهم فقال: يا قوم، إنه لا يعني بهذا غيرنا نحن بالنهار نلهو وبالليل ننام ثم اتبع صلة فلم يزل يختلف معه إلى الجبانة فيتعبد معه حتى مات.
جهاده في سبيللم يكن صلة بن أشيم عابدًا فحسب، بل جرد سيفه حاملاً إياه مجاهدًا في سبيل الله، وكان كثير الغزو، وكان أهلاً لنيل الشهادة في سبيل الله، وتقدم صلة بن أشيم هو وابن له ليجاهدا في سبيل الله فقال لابنه: أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك عند الله فحمل فقاتل حتى قُتِل، ثم تقدم فقُتِل فاجتمعت النساء عند امرأته معاذة فقالت: مرحبا إن كنتن جئتن لتهنيني فمرحبا بكن وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.
أهم ملامح شخصيتهالرفق واللينعن ثابت أن صلة بن أشيم وأصحابه: أبصروا رجلاً قد أسبل إزاره فأراد أصحابه أن يأخذوه بألسنتهم فقال صلة: دعوني أكفيكموه قال: يا ابن أخي إن لي إليك حاجة قال: وما ذاك يا عم؟ قال: ترفع إزارك قال: نعم ونعمة عين فقال لأصحابه: هذا كان أمثل، لو أخذتموه قال: لا أفعل وفعل.
وقد رأى صلة بن أشيم رجلاً يكلم امرأة فقال: إن الله يراكما سترنا الله وإياكما.
اليقين التام في الله وحسن التوكل عليهيقول حماد بن جعفر بن زيد العبدي: عن أبيه قال: خرجنا غزاة إلى - كابل - وفي الجيش صلة بن أشيم فلما دنونا من أرض العدو قال الأمير: لا يشذن من العسكر أحد، فذهبت بغلة صلة بثقلها فأخذ يصلي فقيل: إن الناس قد ذهبوا فقال: إنما هما خفيفتان قال: فدعا ثم قال: اللهم إني أقسم عليك أن ترد علي بغلتي وثقلها قال: فجاءت حتى وقفت بين يديه.
وجاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية."أن صلة بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق على منة ودعا اللهفأحيا له فرسه فلما وصل إلى بيته قال: يا بني خذ سرج الفرس فإنه عارية فأخذ سرجه فمات الفرس".
كثرة العبادة و التذلل إلى اللهوكان صلة قد أدرك أن هذه الحياة ما هي إلا دار عمل، فعمل على أن يتزود منها للدار الآخرة، فكان يجاهد نهارًا ويتعبد ليلاً، استحق بأن يوصف فارس بالنهار، راهب بالليل، يقول حماد بن جعفر بن زيد أن أباه قال له: خرجنا في غزوة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم فنزل الناس عند العتمة و صلوا فصلى ثم اضطجع، فقلت: لأرمقن عمله فالتمس غفلة الناس، حتى إذا قلت هدأت العيون وثب فدخل غيضة قريبا منا ودخلت على إثره فتوضأ، ثم قام يصلي وجاء أسد حتى دنا منه قال: قصدت شجرة قال: فتراه التقت أوعد به جزوا حتى سجد فقلت: الآن يفترسه فلا شيء فجلس ثم سلم ثم قال: أيها السبع، اطلب الرزق في مكان أخر فولى وإن له لزئيرًا أقول تصدع الجبال منه قال: فما زال كذلك يصلي حتى لما كان عند الصبح جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة قال: ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم.
وتصف زوجته عبادته فتقول: كان أبو الصهباء يصلي حتى يأتي فراشه زحفًا، أو ما يأتي فراشه إلا زحفًا.
ويقول الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين: "كان صلة بن أشيم رحمه الله يصلي الليل كله فإذا كان في السحر قال إلهي ليس مثلي يطلب الجنة ولكن أجرني برحمتك من النار".
من كلماتهعن ثابت أن صلة بن أشيم كان يقول: ما أدري بأي يومي أنا أشد فرحًا يوما باكرت فيه ذكر الله، أو يومًا غدوت فيه لبعض حاجتي فيعرض لي ذكر الله تعالى.
وجاء في حلية الأولياء "قال أبو الصهباء صلة بن أشيم: طلبت الدنيا من مظان حلالها فجعلت لا أصيب منها إلا قوتًا، أما أنا فلا أعي فيه، وأما هو فلا يجاوزني، فلما رأيت ذلك قلت: أي نفسي جعل رزقك كفافًا فاربعي فربعت ولم تكد".
قال صلة بن أشيم على قبر أخ له:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة... وإلا فإني لا أخالك ناجيا.
الوفاةمات شهيدًا في أول ولاية الحجاج بن يوسف على العراق سنة خمس وسبعين وقيل في خلافة يزيد بن معاوية وذكر أبو موسى أنه قُتِل بسجستان سنة خمس وثلاثين وهو بن مائة وثلاثين سنة.
وجاء في الطبقات لابن سعد "كان صلة قتل شهيدًا في بعض المغازي في أول إمرة الحجاج بن يوسف على العراق".
المصادرأسد الغابة - الدر المنثور - إغاثة اللهفان - حلية الأولياء الثبات عند الممات - التواضع والخمول - مجابو الدعوة - محاسبة النفس - حلية الأولياء - يقظة أولي الاعتبار - الإصابة في تمييز الصحابة - الطبقات الكبرى